لم يكن ثمة ذنب للطفل " محمد " ابن الرابعة عشرة من العمر , إلاّ أنه وجد في المكان الخطأ مرتين , الأولى كانت ولادته في قرية حدودية , يعتمد بعض أهلها على التهريب وسيلة للرزق وجمع المال , والثانية وجوده بطريق أحد الجرارات المحملة بالمواد المهربة مما تسبب بوفاته .
الحادث الأكثر ترويعاً في حياة القرية في قرية " بعيون " الحدودية مع لبنان , كان يسكن محمد مع عائلته لغاية يوم 14 / 6 / 2007 حين وقع الحادث " الأكثر ترويعاً في القرية " كما وصفه شهود عيان لسيريانيوز .
والد الطفل السيد حسن بدر العلي قال لسيريانيوز " بعد عودتي من عملي في السادسة مساءً , كان محمد يلعب بالكرة أمام المنزل , بينما كانت أمه كانت في المطبخ , حينها مرّ جرار زراعي وخلفه مقطورة مملوءة بالأسمنت المهرب , وبلحظة فلتت أمور السيطرة عليه من سائقه المدعو " محمد . ح " لتسحب القاطرة المحملة بالأسمنت الجرار إلى الخلف , ويصطدم بجدار المنزل ومعه محمد " .
فرار السائق ومحاولة دهس والد المغدور " فر السائق , وانهار جدار من البيت , وتطايرت بقايا من رأس محمد على الطريق , ومع وصول سائق أخر ( علي . ق ) قاد الجرار لإبعاده عن مكان الحادث , تمسكت وابني الأكبر ( علي ) محاولين إيقافه لكننا فشلنا لمحاولته دهسنا " .
هذا ما قاله الأب حسن لنا , وهو ما أكده السيد عيسى علي , أبو هادي " الشاهد العيان على الحادث لسيريانيوز بقوله " على اعتبار الحادث وقع بالقرب من بيتي فقد سمعت الصراخ , ومع خروجي إلى الشارع تفاجأت بوجود جرار زراعي مملوك لآل " حيدر " مصطدم بجدار من منزل " حسن أبو علي " فيما كان الطفل محمد مهشم الرأس ينزف دماً بحضن أمه التي تبحث عن سيارة لإسعافه " .
وعن محاولة دهس الأب قال شاهد العيان أبو هادي " وصل إلى مكان الحادث عدد من الناس ومنهم ( أمين . ع ) مالك الجرار , و المدعو ( حسن . ص ) والسائق ( علي . ق ) الذي عمل على إبعاد الجرار من المكان , ومع تدخلي لمنع ذلك , دفعني أمين قائلاً ( لا علاقة لك بالموضوع ) ومع وصول والد الطفل ووقوفه بوجه الجرار لمنع هروبه حاول السائق ( علي ) دهسه مما تسبب بسقوط قسم من سور المنزل الخارجي , ومع ذلك تعلّق والد المرحوم بالقاطرة من الخلف , ولكن سائق الجرار قام بجره مسافة تزيد على العشرين متر قبل أن يسقط على الأرض " .
مشاهدات من ضبط الشرطة بمحضر ضبط شرطة ناحية حديدة الذي يحمل رقم " 898 " وتاريخ 14/6/2007 ورد ما يلي " الكشف عن مكان الحادث شوهد جنوب المنزل حائط مبني من الحجارة , وشاهدنا الحجارة مرمية على الأرض بجانب الطريق نتيجة اصطدام الجرار الزراعي بالسور , وشاهدنا آثار لدهن رأس إنسان يبعد عن الطريق مترين شمال الطريق , وشاهدنا عظمة لجدار الجمجمة أيضاً على يمين الطريق " .
قاطرة مملوءة بالاسمنت المهرب القاطرة التي كان يجرها الجرار لحظة الحادث , وكما أكد العديد من الشهود العيان لسيريانيوز " كانت محملة بالاسمنت المهرب " .
ذات الأمر تؤكده الشاهدة " مريم . ع " التي حضرت الحادث لحظة بلحظة , في إفادتها للشرطة , حيث قالت " كان الجرار محملاً بمادة الاسمنت المهرب .. " , وكذلك الشاهد " حسن . ص " في لإفادته للشرطة , حيث قال " شاهدت جرار زراعي لون أحمر , محمل بمادة الاسمنت المهرب .. " .
شهادة السائق المتناقضة سائق الجرار المدعو " محمد . ح " وفي اعترافه أمام شرطة حديدة , قال " .. وكان الجرار محملاً بمادة الأسمنت .." ثم يكمل في ضبط الشرطة فيقول " لم أتمكن من السيطرة على الجرار نتيجة حمولة المقطورة .." .
وأمام عناصر فرع الأمن الجنائي بحمص , أفاد المدعو " محمد . ح " سائق الجرار في إفادته المدونة في محضر الضبط رقم ( 1563 تاريخ 17 / 6 / 2007 ) فقال " .. وأثناء مروري بطريق صعوداً وبسبب ثقل الحمولة لم أتمكن من السيطرة على الجرار , وبدأت المقطورة المحملة بالاسمنت بسحب الجرار إلى الخلف .." .
أمّا أمام قاضي التحقيق في تل كلخ فقد تراجع عن أقواله السابقة نهائياً , حيث قال .. ولم يكن بالمقطورة أية مواد اسمنت مهربة .. !! " .
التهريب العلني في قرية " بعيون "سيريانيوز زارت قرية بعيون وسجلت أكثر من حالة تهريب عن طريق الجرارات في القرية , وعلى الطريق العام , لمواد مختلفة ( ظهر منها خردة الحديد ) وبكميات تبدو ظاهرة للعيان وعلى مسافات لمن أراد أن يراها .